السؤال:
هل تعتقد بأن العادة مجرد سلوك آلي ؟
توضيح : بمقتضى هذا السؤال سيتطلب أن نستعمل الطريقة الجدلية .
مقدمة :
تعرف العادة على أنها الميل إلى تكرار شيء ما و هي سلوك يمنحنا القدرة على فعل شيء ما بدقة و سرعة و العادة هي أيضا سلوك مكتسب . أثارت إشكالية العادة جدلا بين الفلاسفة و علماء النفس و هنالك من إعتبرها سلوكا سلبيا ينحط إلى شيء من آلية و هنالك من اعتبرها سلوك إيجابيا تمنحنا القدرة على التكيف مع العالم الخارجي.
طرح الإشكال :
فهل العادة سلوك سلبي أم معطى إيجابي ؟ و بعبارة أخرى هل العادة مثبطة ( تكبح )للإرادة أم أنها معززة لها ؟
مسلمات الأطروحة الأولى:
العادة سلوك سلبي ، يصبح الإنسان في كثير من الأحيان سجينا لعادات فردية أو جماعيا حتى أن "أرسطو" اعتبر العادة طبيعة ثانية . فالطبيعة الأولى هي الغرائز الثانية و أما العادة هي غريزة ثانية و لكنها مكتسبة . و من سلبيات العادة أنها تقيد عمل ذهن الإنسان و وظيفته و كأن ملكات الإنسان العقلية تهبط مستوياتها .و لا أدل من ذلك أي من الذين اعتبروا العادة سلوك قد يتطابق مع الغريزة ( أي أنها سلوك سلبي ) "تجربة بافلوف"في المنعكس الشرط حيث كان كلما يقدم قطعة اللحم يدق الجرس مؤثر خارجي فكانت إستجابة الكلب ( إستجابة شرطية ) سيلان اللعاب ثم اكتفى بدق الجرس لكن إستجابة الكلب بقية ثابتة فالعادة إذن ثابتة كابحة للإرادة . فيميل الإنسان إلى الكسل والخمول يقول "كانط":كلما ازدادت العادة عند الإنسان يصبح أقل إستقلال و حرية .فإذ كان "نيتشه"قد اعتبر بأن الإنسان يساوي إرادة فاعلة فإن العادة توقفها .و يقول "جون واطسون"أعطوني عشرة أطفال أستطيع أن أصنع بهم ما أشاء " حيث يرى أن أثر سلوك الإنسان خاضع لقانون أثر الإستجابة فقد جاء "جون واطسون" بطفل و كان كلما يحدث ضجيجا يرى الطفل فأر أبيض فكانت إستجابة الطفل الفزع أو الذعر و بعد تكرار التجربة اكتفى "واطسون" بالفأر الأبيض فكانت إستجابة الطفل الفزع أو الخوف الشديد إذن العادة سلوك آلي سلبي .
النقد :
إذ كانت العادة سلوك سلبي فلماذا نسعى في بعض الأحيان إلى إكتساب بعض العادات .
و على اعتبار أن الإنسان كائن عاقل فالعادة لديه نسبية.
مسلمات الأطروحة الثانية:
العادة سلوك إيجابي يرى "فان دارفرت"بأن المدرسة المادية التي يتزعمها أخطئت حينما قالت بأن العادة خاصيتها الثبات فهذا موقف خاطىء ذلك أن من خاصيات العادة هناك تغير و معنى هذا أننا لا نعيد سلوكاتنا الآلية بطريقة ميكانيكية فالعادة كسلوك مكتسب يقع في ثناياها تعديلات جزئية و هي أطروحة دافع عنها أيضا "ثور ندايك"الذي جائنا بما يسمى بالتعلم عن طريق المحاولة و الخطأ من خلال ملاحظته حول الأشخاص الذين يجيدون الضرب على الآلة الراقنة أن سلوكهم ليس آليا بل هو نشاط فكري ذهني عقلي و العازف لا يستعيد اللحن بنفس المنطق و نفس التراتبية بل يستعيده أحيانا ببطأ و في أحيانا أخرى يستعيده بسرعة و على أعتبار أن الإنسان كائن عاقل فإن بإمكانه الإستغناء عن بعض العادة و كذلك قيل : خير عادة هي ألا نتعود على أي شيء كما قالها "جون جاك روسوا"كما أن العادة ليست مثبطة أي كابتة للإرادة و إلا أضحت العادة مجرد سلوك غريزي و على هذا يقول" أريسطو : العادة طبيعة ثانية " و إذ كان الأمر كذلك تصبح العادة ظاهرة إيجابية متغيرة إذن العادة سلوك إيجابي .
التركيب فيما بينهما :
(تجاوزي) ليست المشكلة في العادة فلكل إنسان عاداته و لو تأملنا في تاريخ الأفراد و عاداتهم الفردية كانت أم جماعية فإننا نلاحظ إقلاعنا عن كثير من العادات السيئة فليست المشكلة في العادة و لكن في كيفية التي نتعامل معها مع العالم .
الخاتمة :
مما لا شك فيه أن السوسيولوجيين علماء الإجتماع السيكولوجيون علماء النفس و الكثير من الفلاسفة أثبتت ارتباط العادة بكثير من سلوكاتنا ذلك أن العادة وسيلتنا في التعلم و هي أيضا طريقة تمنحنا القدرة على التكيف في الحياة .
Kommentar veröffentlichen